الزمالك و فيريرا- مرونة تكتيكية، تألق شحاتة، و توظيف ماهر

في مستهل مشواره بالدوري المصري، كشف المدير الفني لنادي الزمالك، البلجيكي يانيك فيريرا، عن بعض الملامح التكتيكية في المباراة التي فاز بها فريقه على سيراميكا كليوباترا بهدفين نظيفين.

شهدت المباراة تألقًا لافتًا لمحمد شحاتة، الذي أحرز هدفًا بديعًا من منتصف الملعب. ومع ذلك، فإن اختزال جهوده في هذا الهدف وحده يعد إجحافًا بحقه، إذ قدم أداءً متكاملًا يستحق التقدير.

أما نبيل عماد، فقد أظهر قدرات جيدة، إلا أنه لم يتمكن من إكمال مهمته على أكمل وجه، وهو ما يستدعي الوقوف على الأسباب.

فيريرا ومراجعة أفكاره

منذ اللحظة الأولى لتولي فيريرا مهمة تدريب الزمالك، ترسخ في الأذهان أنه مدرب يعتمد على الأسلوب الهجومي بشكل أساسي، مع إعطاء الأولوية للشق الهجومي على حساب الجانب الدفاعي.

إلا أن تجربته التدريبية الأخيرة مع فريق مولينبيك أظهرت تطورًا ملحوظًا في أسلوب لعبه، حيث بات أكثر توازنًا و واقعية. والجدير بالذكر أن فيريرا نفسه صرح في وقت سابق بأن جوزيه مورينيو هو مثله الأعلى، وهو ما يفسر قدرته على تبني أسلوب لعب متوازن يجمع بين الدفاع والهجوم.

في المقابل، يعتمد علي ماهر، المدير الفني لسيراميكا كليوباترا، على الاستحواذ على الكرة كأداة رئيسية لبناء الهجمات وتهديد مرمى المنافسين.

و تجسد ذلك في المباراة، حيث استحوذ فريقه على الكرة بنسبة 58%، مقابل 42% للزمالك.

و خلال الشوط الأول، بلغت نسبة استحواذ سيراميكا كليوباترا 64%، بينما انخفضت إلى 52% في الشوط الثاني.

إلا أن كرة القدم لا تعترف بالاستحواذ وحده، لذلك عمد فيريرا إلى اللعب المتحفظ والاعتماد على التمركز الدفاعي المنظم، مع استغلال التحولات السريعة من الدفاع إلى الهجوم، وهو التغيير الذي ظهرت ملامحه بوضوح بعد خروج نبيل عماد ودخول عبد الحميد معالي.

نبيل عماد وإتمام نصف المهمة

في بعض فترات المباراة، لجأ فيريرا إلى طريقة بناء اللعب من الخلف، مع قيام نبيل عماد بدور لاعب الوسط الذي يسقط بين قلبي الدفاع، حسام عبد المجيد ومحمود حمدي "الونش".

هذه الطريقة أتاحت الفرصة للظهيرين، عمر جابر والمغربي محمود بنتايك، للتقدم إلى الأمام ومساندة ناصر ماهر وشيكو بانزا في الخط الأمامي.

إلا أن نقطة الضعف في أداء نبيل عماد تمثلت في تمريراته التي كانت في أغلبها جانبية أو للخلف، حيث يفتقر إلى القدرة على التقدم بالكرة إلى الأمام، على عكس لاعبين مثل محمد شحاتة وعبد الله السعيد.

وعلى الرغم من ذلك، نجح نبيل عماد في أداء نصف مهمته، خاصة على المستوى الدفاعي، حيث استخلص الكرة 5 مرات وقطع الكرة 4 مرات.

كما تمكن من الفوز بالالتحامات الهوائية مرتين بنسبة نجاح 100%، بينما لم ينجح في الفوز بأي التحام أرضي من أصل 4.

نضوج شحاتة

بعد موسمين قضاهما محمد شحاتة في صفوف الزمالك، حان الوقت لكي يصبح أحد الركائز الأساسية في خط وسط الفريق، وأن يعتمد عليه المدرب بشكل كبير.

ولا شك أن اللعب بجوار لاعبين متميزين مثل عبد الله السعيد وناصر ماهر سيساهم في صقل مهاراته وتنمية موهبته.

فقد قدم شحاتة أداءً رائعًا على المستويين الدفاعي والهجومي.

فعلى المستوى الدفاعي، كان أكثر لاعب قام بقطع الكرة بين لاعبي الفريقين، بالتساوي مع بنتايك بواقع 5 مرات.

كما استخلص الكرة 4 مرات، وفاز في 5 من أصل 7 التحامات أرضية، وتمكن من الفوز في التحام هوائي واحد من أصل 4.

وكاد أن يسجل هدفًا في الشوط الأول، إلا أن مدافع سيراميكا كليوباترا تدخل في اللحظة الأخيرة وأنقذ الموقف.

تمركز ناصر ماهر

في فترات سابقة، اعتمد مدربو الزمالك السابقون، مثل جوزيه بيسيرو وكريستيان جروس، على ناصر ماهر كجناح صريح، وهو ما أثر سلبًا على مستواه وتسبب في تراجع أدائه.

ويتضح ذلك من الخريطة الحرارية لناصر ماهر في مباراة الزمالك ضد ستيلينبوش في إياب دور الـ32 من كأس الكونفدرالية الإفريقية الموسم الماضي.

وكذلك في مباراة الزمالك ضد البنك الأهلي في الدوري المصري الممتاز الموسم الماضي.

وفي مباراة سيراميكا كليوباترا، وظف فيريرا ناصر ماهر أيضًا كجناح، وذلك لعدم وصول اللاعب البرازيلي، جوان بيزيرا. إلا أن التغيير الذي طرأ على طريقة اللعب هو أن ناصر ماهر كان يدخل إلى العمق في كثير من الأحيان، تاركًا الخط الجانبي لعمر جابر.

التأني في الحكم على بانزا

من السابق لأوانه الحكم على الأداء الفني للاعب الأنجولي، شيكو بانزا. صحيح أنه خسر الكرة كثيرًا، حيث وصلت عدد مرات فقدانه للكرة إلى 18 مرة. إلا أن جرأته ومحاولاته المستمرة، بالإضافة إلى عدم وجود المساندة الكافية من زملائه في بعض الأوقات، ساهمت في ظهور الأحكام السلبية ضده بشكل سريع.

يحتاج اللاعب إلى مزيد من الوقت لإثبات قدراته وإظهار إمكانياته، كما يحتاج إلى دعم ومساعدة من زملائه في الفريق، حيث أنه يمتلك المهارة والإمكانيات التي تؤهله للتألق.

خلاصة القول، إن انتصار فيريرا في هذه المباراة جاء بفضل مرونته التكتيكية وقدرته على التكيف مع الظروف، وعدم التمسك بأفكاره الأصلية في وقت غير مناسب للزمالك، بالإضافة إلى التوظيف الجيد للاعبين واستغلال قدراتهم بالشكل الأمثل.